الجمعة، 1 أبريل 2011

سلسلة الأحاديث القدسية الصحيحة مع شرح الأئمة (3)

حديث قدسي

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:

"[يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفُوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إلَى رَبنَا فِي الذِينَ يُتَوَفوْنَ مِنَ الطاعُونِ فَيَقُولُ الشهَدَاءُ: إخْوَانُنَا قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا وَيَقُولُ: الْمُتَوَفوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا فَيَقُولُ رَبنَا: انْظُرُوا إلَى جِرَاحِهِمْ، فإِنْ أَشْبَهَ جِرَاحُهُمْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ فَإنهُمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ، فَإذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ."

رواه أحمد والنسائي وقَالَ الألباني: صحيح ( صحيح الجامع ).( صحيح الجامع: 8046 ).


شرح الحديث

قَالَ الإمَامُ السندي في حاشيته على النسائي:

قوله: «إلى ربنا» أي رافعين اختصامهم إلى الله « في الذين يتوفون» على بناء المفعول ولا شك أن مقصود الشهداء بذلك إلحاق المطعون معهم ورفع درجته إلى درجاتهم وأما الأموات على الفرش فلعله ليس مقصودهم أصالة أن لا ترفع درجة المطعون إلى درجات الشهداء، فإِنَّ ذلك حسدٌ مذموم، وهو منزوعٌ عن القلوب في ذلك الدار، وإنما مُرادُهم أن ينالوا درجات الشهداء كما نال المطعون مع موته على الفراش، فمعنى قولهم ( إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا ) أي فإِنْ نالوا مع ذلك درجات الشهداء ينبغي أن ننالها أيضاً، وعلى هذا فينبغي أن يُعتَبَر هذا الخصام خارج الجنة، وإلا فقد جاء فيها ( ولكم فيها مَا تشتهي أنفسكم ) فينبغي أن ينال درجة الشهداء من يشتهيها في الجنة، والظاهر أن الله تعالى ينزِعُ من قلب كل أحدٍ في الجَنَّة اشتهاء درجة من فوقه ويُرضيه بدرجته والله تعالى أعلم.‏

حديث قدسي

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:

"يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا، وَجَعَلَ يَزِيْدُ بَاطِنَ كَفَّهِ إلَى الأرْضِ، وَأدْنَاهَا إلَى الأرْضِ، رَفَعْتُهُ هَكَذَا، وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إلَى السَّمَاءِ، وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ.‏"

رواه أحمد وقَالَ المنذري: صحيح ( الترغيب ).

شرح الحديث

قَالَ الإمَامُ الصنعاني في سبل السَّلام شرح بلوغ المرام:

‏عنْ عِياض بن حِمَار رضي اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "إنَّ اللهَ أَوحى إليَّ أَنْ تواضَعُوا حتى لا يَبْغي أَحدٌ على أحدٍ ولا يَفْخر أَحدٌ على أَحدً" أَخرجَهُ مُسلمٌ.

والتواضع: عدم الكِبْر، وعدم التواضع يؤدي إلى البغي، لأنه يرى لنفسه مزية على الغير فيبغي عليه بقوله أو فعله، ويفخر عليه ويزدريه، والبغي والفخر مذمومان.

وعن ابن مسعود قال: قَالَ رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّم: لا يدخل الجَنَّة من كان في قلبه ذرة من كِبْر، فقَالَ رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، قال: إن اللَّه جميل يحب الجمال، الكِبْرُ بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس.
حديث قدسي

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:

"بَيْنَمَا أَيُوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ يَحْثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُهُ: يَا أَيُوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَا تَرَى ؟! قَالَ: بَلَى يَا رَب، وَلَكِنْ لا غِنَى لِي عَنْ بَرَكَتِكَ."

رواه البخاري وهذا لفظه، وروى نحوه أحمد والنسائي.

شرح الحديث

قَالَ الإمَامُ ابن حجر في فتح الباري:

‏قوله: (خرَّ عليه) ‏أي سقط عليه، وقوله: (رجل جراد) ‏أي جماعة جراد، والجراد اسم جمع واحده جرادة كتمر وتمرة، وحكى ابن سيده أنه يقَالُ للذكر جراد وللأنثى جرادة.

وقوله: (يحثي) ‏بالمثلثة أي يأخذ بيديه جميعا.

وقوله: (في ثوبه) ‏في حديث ابن عباس عند ابن أبي حاتم " فجعل أيوب ينشر طرف ثوبه فيأخذ الجراد فيجعله فيه فكلما امتلأت ناحية نشر ناحية".

وقوله: (فناداه ربه) ‏يحتمل أن يكون بواسطة أو بإلهام، ويحتمل أن يكون بغير واسطة.

وقوله: (قَالَ بلى) ‏أي أغنيتني.

وقوله: (ولكن لا غنى لي) ‏بالقصر بغير تنوين وخبر لا قوله لي أو قوله عن بركتك.

وفي الحديث جواز الحرص على الاستكثار من الحلال في حق من وثق من نفسه بالشكر عليه، وفيه تسمية المال الذي يكون من هذه الجهة بركة، وفيه فضل الغني الشاكر.

 حديث قدسي

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:
"إِنَّ الله سَيُخَلِّصُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُؤُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عَلَيْهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلاً، كُلُ سِجِلٍ مِثْلُ مَدِّ البَصَرِ، ثُمَ يَقُولُ: أَتُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئَاً ؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحافِظُونَ ؟ فيَقُولُ: لا يَا رَب، فَيَقُولُ: أَفَلَكَ عُذْرٌ ؟ فَيَقُولُ: لا يَا رَب، فَيَقُولُ: بَلَى، إنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فَإِنَهُ لا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتُخْرَجُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا الله وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: احْضُرْ وَزْنَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَب مَا هَذِهِ البِطَاقَةُ مَع هَذِهِ السِجِلاتُ ؟ فَقَالَ: فَإِنَكَ لا تُظْلَمُ، قالَ: فَتُوْضَعُ السِّجِلاتُ فِي كِفَّةٍ وَالِبطَاقَةُ في كِفَّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلاتُ وَثَقُلَت البِطَاقَةُ، ولا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ الله شَيْءٌ."

رواه أحمد والترمذي والحاكم وقَالَ الألباني: صحيح ( صحيح الجامع ).( صحيح الجامع: 1776 ).

شرح الحديث

قَالَ المباركفوري في تحفة الأحوذي:

قوله: (إن الله سيخلِّص) بتشديد اللام أي يميز ويختار (فينشر) بضم الشين المعجمة أي فيفتح (تسعة وتسعين سجلا) بكسرتين فتشديد أي كتاباً كبيراً

(كل سجل مثل مد البصر) أي كل كتاب منها طوله وعرضه مقدار مَا يمتد إليه بصر الإنسان (ثم يقول) أي الله سبحانه وتعالى (أتنكر من هذا) أي المكتوب

(أظلمك كتبتي) بفتحات جمع كاتب والمراد الكرام الكاتبون (الحافظون) أي لأعمال بني آدم (فيقول بلى) أي لك عندنا مَا يقوم مقام عذرك (إن لك عندنا حسنة) أي واحدة عظيمة مقبولة
(فتُخرَج) بصيغة المجهول، (بطاقة) قَالَ في النهاية: البطاقة رقعة صغيرة يثبت فيها مقدار مَا تجعل فيه إن كان عيناً فوزنه أو عدده، وإن كان متاعاً فثمنه، قيل سميت بذلك لأنها تشد بطاقة من الثوب فتكون الباء حينئذ زائدة وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر،

وقَالَ في القاموس: البطاقة ككتابة الرقعة الصغيرة المنوطة بالثوب التي فيها رقم ثمنه سميت لأنها تشد بطاقة من هدب الثوب (فيها) أي مكتوب في البطاقة (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)

قَالَ القاري: يحتمل أن الكلمة هي أوَّل مَا نطق بها، ويحتمل أن تكون غير تلك المرة مما وقعت مقبولة عند الحضرة وهو الأظهر في مادة الخصوص من عموم الأمة (احضر وزنك) أي الوزن الذي لك أو وزن عملك أو وقت وزنك أو آلة وزنك وهو الميزان ليظهر لك انتفاء الظلم وظهور العدل وتحقق الفضل (فيقول يا رب مَا هذه البطاقة) أي الواحدة (مع هذه السجلات) أي الكثيرة وما قدرها يجنبها ومقابلتها (فقَالَ فإنك لا تُظلَم) أي لا يقع عليك الظلم لكن لا بد من اعتبار الوزن كي يظهر أن لا ظلم عليك فاحضر الوزن، قيل وجه مطابقة هذا جواباً لقوله مَا هذه البطاقة ؟ وإن اسم الإشارة للتحقير، كأنه أنكر أن يكون مع هذا البطاقة المحقرة موازنة لتلك السجلات، فرد بقوله إنك لا تظلم بحقيرة، أي لا تحقر هذه فإنها عظيمة عنده سبحانه إذ لا يثقل مع اسم الله شيء ولو ثقل عليه شيء لظلمت

(قَالَ فتُوضَع السجلات في كفة) بكسر فتشديد أي فردة من زوجي الميزان، ففي القاموس الكفة بالكسر من الميزان معروف ويفتح (والبطاقة) أي وتوضع (في كفة) أي في أخرى (فطاشت السجلات) أي خفَّت (وثقلت البطاقة) أي رجحت والتعبير بالمضي لتحقق وقوعه

(ولا يثقل) أي ولا يرجح ولا يغلب (مع اسم الله شيء) والمعنى لا يقاومه شيء من المعاصي بل يترجح ذكر الله تعالى على جمع المعاصي.

فإن قيل: الأعمال أعراضٌ لا يمكن وزنها وإنما توزن الأجسام، أجيب بأنه يوزن السجل الذي كتب فيه الأعمال ويختلف باختلاف الأحوال، أو أن الله يُجَسِم الأفعال والأقوال فتُوزَن فتثقُل الطاعات وتَطِيش السيئات لثقل العبادة على النفس وخفة المعصية عليها.

حديث قدسي

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:

"سَأَلْتُ رَبِي مَسْأَلَةً فَوَدَدْتُ أنِي لَمْ أسْأَلْهُ، قُلْتُ: يَا رَب، قَدْ كَانَتْ قَبْلِي رُسُلٌ، مِنْهُم مَن سَخَّرْتَ لَهُ الرِيَاحَ، وَمِنْهُم مَن كَانَ يُحْيِي المَوْتَى، فَقَالَ: ألَمْ أجِدْكَ يَتِيْمَاً فَآوَيْتُكَ ؟! ألَمْ أجِدْكَ ضَالاً فَهَدَيْتُكَ ؟! ألَمْ أجِدْكَ عَائِلاً فَأَغْنَيْتُكَ ؟! ألَمْ أشْرَحْ لَكَ صَدْرُكَ، وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ ؟! قُلْتُ: بَلَى يَا رَبِ."

رواه الطبراني وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي.وقال الالباني: صحيح.

شرح الحديث

قَالَ الإمَامُ جلال الدين السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور:

‏عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

لَمَّا نَزَلَت والضحى على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: "يمن علي ربي، وأهلٌ أن يمن ربي" والله أعلم.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ووجدك ضالا فهدى قال: وجدك بين ضالين فاستنقذك من ضلالتهم.
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق